«خليجي» غائب

طلال الحمود

نالت بطولة كأس الخليج لكرة القدم 2024 اهتماماً غير مسبوق من الحكومة الكويتية بدرجة بلغت نقل جلسة مجلس الوزراء إلى ستاد الشيخ جابر، تمهيداً لإعلان جاهزية البلاد قبل بدء المنافسات، وفي المقابل أبدت الاتحادات الوطنية دعمها لجهود الكويت في تنظيم حدث استثنائي يعكس صورة الدولة الجديدة من خلال مشاركة المنتخبات بكامل نجومها للمرة الأولى منذ سنوات طويلة.

ومع أن اتحاد كأس الخليج لكرة القدم المسؤول عن تقديم الدعم للدولة المستضيفة في الجوانب التنظيمية والفنية والإعلامية لضمان تحقيق أقصى نجاح للبطولة بما يوازي أهداف الطرفين، فإن المنافسات تعرضت إلى مصاعب تسببت في حجبها عن كثير من محطات التليفزيون وغيابها عن المنصات الإخبارية، مما حال دون وصول اللقطات المرسلة من الكويت إلى العالم، وبالتالي حجب جزء من تطورها في مجالات مهمة، ومنها القطاع الرياضي الذي يبرهن من خلال الملاعب والمنشآت ومرافق البنية التحتية على نجاح البلاد في مواكبة تطور المنطقة والعالم.

وحالت الشركة المفوضة من اتحاد كأس الخليج لتسويق حقوق البث، دون وصول صورة الكويت إلى العالم، بعدما قيدت شركة «آي إم جي» الحصول على شارة البث واللقطات الإخبارية، واشترطت دفع مبالغ خيالية لا توازي بطولة إقليمية، قياساً على نطاق متابعة منافسات كأس آسيا أو أفريقيا، فضلاً عن أن المناسبة غير معتمدة في أجندة «فيفا» ولا يمكن تسويقها بهذه الأسعار إلا في دول الخليج، مما يعني عزوفاً عربياً وقارياً عن شراء الحقوق، أو بث ملخصات المباريات في البرامج ونشرات الأخبار.

وبعد فشل اتحاد إذاعات الدول العربية (أسبو) في الحصول على حقوق البث، كشف مسؤولوه في التقرير السنوي أن السبب يعود إلى «المزايدات والممارسات السيئة التي أتتها الشركة الوسيطة والمتعهدة بحقوق البث التليفزيوني»، وذكر هذا الاتحاد في تقريره أنه تعرض إلى «مزايدات ومماطلات عديدة من ممثل شركة (آي إم جي) في المنطقة العربية»، ويبدو أن هدف الشركة كان الضغط على الجهات الإعلامية الحكومية لدفع أعلى عائد مالي من جهة، وتقييد وصول اللقطات الإخبارية إلى وكالات الأنباء التليفزيونية واتحادات البث المشترك من جهة ثانية.

اتحاد إذاعات الدول العربية في تقريره أكد على أنه سيلجأ مستقبلاً إلى التفاوض مباشرة مع اتحاد كأس الخليج حتى يمكنه الحصول على حقوق بث المباريات ولقطات التبادل الإخباري، دون أن يلتفت «أسبو» إلى استحالة إنهاء معاناته، لاعتبار أن هذا سيساهم في تحرير البطولة من قيود البث ويسمح بتداول أخبارها ولقطاتها خارج الخليج، وبالتالي إنهاء حالة التعتيم الإعلامي الذي ترى فيه الشركة وربما «بعض مسؤولي الاتحاد الخليجي» عاملاً مهماً في الإبقاء على هيمنة القنوات القائمة على الاحتكار، خاصة حين ترفض هذه الأخيرة نقل المباريات للحد من وصول المناسبة إلى العالم، بينما تقوم الشركة المسوقة بزيادة أسعار حقوق البث إلى مبالغ خيالية تجعل القنوات التليفزيونية «الحكومية» الزبون الأوحد المهتم بشراء الحقوق، مع فرض قيود مشددة على استخدام اللقطات الإخبارية لغرض تغييب البطولة إعلامياً!

ومع أن البطولة الخليجية لا تملك شعبية عابرة للقارات أو قيمة فنية في عالم كرة القدم، فإنها تمثل منذ السبعينات فرصة مهمة لدول المنطقة وشعوبها من أجل إظهار الصورة الحقيقية وإبراز التطور الذي تعيشه من خلال العناية بالتنظيم وبناء الملاعب وضخ ملايين الدولارات لتوفير متطلبات الاستضافة، مما جعل الاهتمام بتسويقها إعلامياً يتصدر أهداف البلد المستضيف، قبل أن يأتي اتحاد كأس الخليج «الباحث عن الأرباح والعائدات المالية» بأفكاره التجارية الهادفة إلى تغييب البطولة وتقييد صداها بطريقة تحد من خطة الدولة المستضيفة للاستفادة في جانب التعريف بالإمكانات التي تمتلكها والفرص الاستثمارية والسياحية التي تقدمها.

نقلا عن الشرق الأوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى