ما مصير “الإخوان” بعد العناق التركي المصري؟
بعد استئناف العلاقات التركية-المصرية وتحسنها في السنوات الأخيرة، تتزايد التساؤلات حول مصير جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت قد وجدت دعمًا قويًا من تركيا بعد الإطاحة بحكمهم في مصر في عام 2013. بينما لم تتخذ أنقرة خطوات مباشرة ضد الجماعة، يبدو أن النهج التركي تجاه الإخوان قد تغيّر في ظل المصالح المتجددة مع القاهرة.
مع بدء تطبيع العلاقات بين تركيا ومصر، وخاصة بعد اللقاءات المتبادلة بين الرئيسين رجب طيب أردوغان وعبد الفتاح السيسي، بدا واضحاً أن أنقرة تبذل جهوداً لتجنب أي موضوعات قد تعرقل استعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، بما في ذلك ملف الإخوان المسلمين. وفي هذا السياق، تم تخفيف نشاط القنوات الإعلامية التابعة للجماعة والتي تبث من تركيا، كجزء من هذا التقارب.
تواجه جماعة الإخوان المسلمين تحديات كبيرة، خاصة مع تراجع دعم تركيا العلني لها. ومع تخفيف بعض القيود على نشاطات الجماعة في تركيا، تجد الجماعة نفسها في موقف أكثر ضعفًا، حيث تقلصت مساحات حركتها الإعلامية والسياسية مقارنةً بالسابق.
على الرغم من عدم تسليم أعضاء الجماعة الموجودين في تركيا لمصر، إلا أن التقارب التركي المصري يفرض ضغوطًا على الإخوان، حيث يشير المراقبون إلى أن الجماعة قد تضطر للبحث عن ملاذات جديدة، أو تبني استراتيجيات جديدة للحفاظ على وجودها السياسي.
لم تكد تمر بضعة أيام على زيارة وصفت بالتاريخية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى القاهرة، حتى أعلنت وسائل إعلام تركية وعربية سحب الجنسية التركية من القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر محمود حسين، وهو ما فسره مراقبون بأنه مؤشر إلى “الصفحة الجديدة” في علاقات القاهرة وأنقرة، بعد عقد من القطيعة على خلفية موقفيهما المتناقض من الجماعة المصنفة إرهابية في مصر.
وحسين كان من بين نحو 50 آخرين من عناصر الصف الأول لقيادات الإخوان المصريين والسوريين، سحبت جنسياتهم التي حصلوا عليها من طريق قانون التجنس والاستثمار في تركيا.
وكان النهج التركي تجاه “الإخوان” قد تحول تزامناً مع بدء التقارب مع مصر، ففي مارس 2021، ألزمت السلطات التركية القنوات التلفزيونية التابعة للجماعة التي تبث من إسطنبول، بالتزام ميثاق شرف إعلامي، وتجنب الشأن السياسي، والتطاول على الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والتخلي عن أسلوب التحريض والإساءة إلى الدولة المصرية.
وطالت تلك التوجيهات القنوات التي تعتبر ناطقة بلسان “الإخوان”، مما جعلها تغير خريطة برامجها، وألغت بث بعض البرامج السياسية.
وفي ديسمبر 2021، غادر الإعلامي معتز مطر إلى لندن وفي مايو 2022، تبع المذيع محمد ناصر نهج مطر بالرحيل عن تركيا، إثر إغلاق محطة أخرى عمل بها بطلب من السلطات التركية، وتلاه مذيعون آخرون مثل حمزة زوبع وهشام عبدالله وحسام الغمري، وهيثم أبوخليل.
وفي يوليو 2023، وبعد الإعلان رسمياً عن رفع العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى السفراء بين مصر وتركيا، فرضت أنقرة قيوداً على أنشطة “الإخوان”، وشنت مداهمات على عناصر الجماعة المقيمين في تركيا، واحتجزت كل من لا يحمل هوية أو إقامة.
في نهاية المطاف، يبدو أن مستقبل الإخوان المسلمين سيظل متأثراً بتغير العلاقات الإقليمية، وقد يستمر في التكيف مع هذه المتغيرات في ظل تغير الأولويات التركية والمصرية.