ليبيا.. “بوصلة مصالح جديدة” وراء التصعيد السياسي 

فال ميديا.نت

رغم أن ظاهرها تفسيرات متباينة لنصوص قانونية تتعلق بصلاحيات تشريعية، إلا أن حقيقة ما يحدث في ليبيا أنه خلاف سياسي بين أطراف بعضها تغيرت بوصلة مصالحها ومن ثم تحالفاتها.

ذلك ما شّخص به سياسيون وكتاب ليبيون التصاعد الراهن للخلاف، عبر اتخاذ أطراف فاعلة لقرارات بررتها بتفسيرها الخاص لنصوص قانونية، مقابل تفسير مغاير لأطراف أخرى.

وفي أحدث أزمة أعلن مجلس النواب، في 13 أغسطس الجاري، تصويت أعضائه لصالح سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

كما صوّتوا لصالح إعادة صلاحيات القائد الأعلى للجيش إلى رئيس مجلس النواب (الشرق) عقيلة صالح، بدلا من المجلس الرئاسي، وهو ما رفضه الأخير.

ومنذ مارس 2022 توجد حكومتان، إحداهما تحظى باعتراف دولي وأممي وهي حكومة الوحدة ومقرها العاصمة طرابلس وتدير منها غرب البلاد بالكامل.

أما الحكومة الثانية فكلفها مجلس النواب، وهي حكومة أسامة حماد، ومقرها في مدينة بنغازي، وتدير شرق البلاد بالكامل ومدنا في الجنوب.

مصالح لا أيديولوجيات

“كل ذلك يبدو صراع تشريعي قانوني، لكنه في الحقيقة صراع سياسي مرتبط بشكل وثيق ليس بالأيديولوجيات بل بالمصالح”.. هكذا بدأ السياسي الليبي السابق عبد السلام الطيرة حديثه للأناضول.

الطيرة أضاف أن “البرلمان ورئيسه صالح اتخذوا قراراتهم الأخيرة لكون مصلحتهم مع خليفة حفتر (قائد قوات الشرق)، الذي أمر قواته بالانتقال (من الشرق) إلى مناطق ومدن الجنوب الغربي”.

وتابع أن “مجلس الدولة عارض هذا الإجراء، وطالب المجلس الرئاسي، بصفته القائد الأعلى للجيش، بالتدخل”.

و”هذه المطالبة هي ما دعت النواب إلى سحب صفة القائد الأعلى من الرئاسي ومنحها لصالح؛ لتوفير غطاء قانوني لعمليات قوات الشرق في الجنوب الغربي”، حسب الطيرة.

أما عن المنفي، فقال الطيرة إن “محاولاته لعزل الكبير تأتي بطلب من الدبيبة، بعد أن وقع خلاف بين الدبيبة والكبير منذ نحو شهرين”.

وحتى هذا الأمر الذي يبدو تشريعي متعلق بصلاحيات المنفي حيال المناصب السيادية هو أيضا وفق الطيرة “في جوهره سياسي وسببه تغير بوصلة المصالح”.

وأوضح أن “الخلاف بين الدبيبة والكبير دعا الأخير إلى التحالف مع مجلس النواب وإقرار ميزانية موحدة للبلاد سيصرفها الكبير للحكومتين”، في إشارة إلى ميزانية أقرها النواب في 10 يوليو الماضي.

تموقعات جديدة

وحسب الكاتب الليبي ناجي بوعرقوب، في حديث للأناضول، فإن “ما يجري سيؤدي إلى تغييرات في موازين القوى على الأرض”.

وأردف: “بمشاهدة أحداث الأسبوعين الأخيرين من قرارات، سنرى أن الدبيبة أصبح في وضع لا يحسد عليه”.

وتابع: “الدبيبة خسر حلفاءه، الأول الكبير الذي كان يمد حكومته بأموال جعلتها حكومة فعلية، وبعد خسارته الكبير لن يستطيع الدبيبة الوفاء بالكثير من وعوده للشعب؛ لكونها تحتاج أموالا طائلة”.

بوعرقوب زاد بأن “الدبيبة خسر أيضا الدعم السياسي الذي كان يوفره له مجلس الدولة خلال فترة رئاسة محمد تكالة، الذي خسر انتخابات رئاسة المجلس لصالح المشري، العدو اللدود للدبيبة”.

في مقابل ذلك، حسب بوعرقوب، فإن “حكومة الشرق بقيادة حماد وحلفائها حفتر ومجلس النواب هم الآن في أحسن الحالات”.

وفسر ذلك بأن “لدى حكومة الشرق حاليا أموالا طائلة من خزينة الكبير، وهي أموال تنفقها سلطات الشرق في التعاقد على مشاريع ضخمة تُسمى الإعمار”.

وأضاف أن هذه التعاقدات “أُبرمت مع شركات دولية، منها مصرية، وهو ما يفسر استقبال الحكومة المصرية لحماد (في 11 أغسطس الجاري).. ومن المعروف أن الاقتصاد يتحكم في السياسية”.

وختم بوعرقوب بأن هذا الوضع “سيُطبق على جميع الدول، بحيث تتعاقد حكومة حماد مع شركات دولية، وبدورها تضغط هذه الشركات على حكوماتها لتوفر دعما سياسيا لحكومته”، وفق تقديره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى