لماذا يتسم الصراع في السودان بالعنف الجنسي؟
احتل موضوع العنف الجنسي مساحة مهمة في واجهة الصراع الذي اندلع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أبريل 2023، وذلك بعد تقديم العديد من الروايات التي تتحدث عن “وحشية” مزعومة و”انتهاكات جنسية” خلال هذا الصراع الذي شرد وهجر ملايين السودانيين.
وانتشر العديد من الروايات التي أشارت إلى انتهاكات جنسية متنوعة لا تقف عند حدود الاغتصاب، بحق فتيات ونساء سودانيات، وخرجت تقارير أممية وثقت بعض الحوادث، إضافة إلى بعض الشهود الذين نقلوا ما سمعوه على منصات التواصل الاجتماعي.
تعتبر هذه الانتهاكات سلاحا في الحرب للضغط على الأسر والمجتمعات وهو نوع من امتهان كرامة الخصوم في الصراعات
وقال محمد الأمين، ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في السودان، إن حوالي سبعة ملايين امرأة وفتاة في السودان يتعرضن لخطر العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مضيفا أن تلك الجرائم، بما في ذلك حالات الاغتصاب الجماعي، تتكرر وتترك آثاراً سلبية تمتد لسنوات طويلة على الأفراد والمجتمع.
وفي حديث عبر الفيديو من بورتسودان مع أخبار الأمم المتحدة، أشار السيد محمد الأمين إلى أن “وراء كل ناجية من العنف الجنسي في السودان قصة مروعة”.
وأضاف أن “بعض النساء أنجبن مواليد نتيجة للاغتصاب، وأن البعض الآخر أخفين تعرضهن لتلك الانتهاكات خوفاً من العار والوصمة الاجتماعية”.
وأكد الأمين أن بعض النساء وصلن إلى مرحلة من اليأس دفعتهن لمحاولة الانتحار، لكن دعم صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركائه أحدث فرقاً في حياة الضحايا من خلال توفير أماكن إيواء آمنة وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي، فضلاً عن إتاحة أنشطة مدرة للدخل لتمكين النساء من إعالة أطفالهن.
شدد محمد الأمين على ضرورة إنهاء الحرب حفاظاً على الشعب السوداني الذي يستحق حياة كريمة
وأوضح الأمين أنه من الصعب وجود إحصائيات دقيقة حول مدى انتشار العنف في السودان. لكن المؤشرات الموجودة تؤكد أن هناك حجما كبيرا من العنف في أماكن متعددة في السودان: في دارفور، في الخرطوم وغالبية المدن التي تعرضت لمعارك داخلية.
وأضاف، “قبل بداية الصراع كانت تقديرات الأمم المتحدة في السودان تفيد بأن حوالي 3 ملايين امرأة وطفلة يمكن أن تكون عرضة للعنف القائم على النوع الاجتماعي سنة 2022. في الوقت الحالي سنة 2024، العدد بلغ تقريبا 6.9 مليون امرأة وفتاة من الممكن أن تتعرض لهذا العنف”.
وأكد أن الإحصائيات الدقيقة حول الناجيات غير موجودة لعوامل متعددة منها عدم وجود الفِرق في الميدان، ثانيا لحساسية الموضوع، ثالثا لأن أكثر الناجيات لا يبلغن عن ممارسات العنف التي يتعرضن لها.
وفيما يتعلق بالعنف الجنسي ضد الرجال، قال الأمين إنه “حسب المعلومات الموجودة، هذا الأمر محدود في الفترة الحالية لأنه في الحروب بصورة عامة يعتبر العنف، خاصة الاغتصاب، سلاحا في الحرب. وهذا هو الملاحظ في الحرب في السودان في مناطق متعددة. طبعا الأكثرية التي تتعرض لهذه الممارسة هي النساء والفتيات، وبالنسبة للرجال فإن الأمر محدود”.
وعن المسؤول الرئيسي عن هذه الانتهاكات، قال الأمين “نحن في صندوق الأمم المتحدة للسكان نركز على المساعدة في تقديم الخدمات للناجيات والتنسيق الميداني مع الشركاء الذين يعملون في الميدان. وهناك جهات أخرى هي المعنية بالتقصي والتحقيق حول مرتكبي هذه الجرائم. وهذا التمييز بين أدوار منظمات الأمم المتحدة معروف من أجل حماية مقدمي الخدمات والناجيات”.
يشار إلى أن هذه الانتهاكات ظهرت في المدن الكبيرة مثل الخرطوم وحتى في مناطق أخرى في الجزيرة وأيضا دارفور، كما ان أحداث دارفور سنة 2003 و2004 شهدت ممارسات اغتصاب وعنف مبني على النوع في هذه المناطق القبلية المتداخلة.