مخدرات ومليارات الدولارات.. ماذا نعرف عن “أميرة العطاء” التي تشغل موريتانيا؟
فال ميديا
تباينت واختلفت ردود أفعال الموريتانيين على البث المباشر عبر “فيسبوك” للناشط عبد الرحمن ولد ودادي الذي اتهم فيه ضمنياً العزة بنت الشيخ آياه بالارتباط بشبكات تجارة المخدرات القضية التي تشغل الرأي العام في موريتانيا، ما أثار علامات استفهام وتساؤلات حول ثروة العزة التي تقدر بمليارات الدولارات وتعطي عطاء من لا يخشى الفقر، لدرجة بات معها البعض يسميها بـ”أميرة العطاء”.
والعزة هي شخصية موريتانية بارزة وناشطة اجتماعية تنحدر من عائلة الشيخ آياه الصوفية والتي لها تأثير ديني وثقافي كبير في المجتمع الموريتاني وأفريقيا وبعض الدول العربية.
وتصدرت القضية عناوين الأخبار ومنصات التواصل الموريتانية عبر هاشتاغ “صاحبة الأيادي البيضاء.. أميرة العطاء.. الشيخة العزة.. وأنصار العزة”.
وشهدت الهاشتاغات آلاف التعليقات وإعادة التعليقات التي عبرت عن مشاعر الحب والدعم للشيخة العزة بنت الشيخ آياه، في مواجهة الحملة الممنهجة ضد أهل الشيخ آياه حسب تعبير رواد المنصات، في تعليقات جسّدت مشاعر عفوية صادقة تعكس التلاحم الحميم، بين العزة ومناصريها.
وبحسب رواد المنصات الموريتانية، فإن العزة تجد سعادة قصوى في إشراك الناس في ما وهبها الله من مال، وأنها متشبثة بعادات تاريخية مبنية على العطاء والكرم ومواساة الضعاف والمرضى والمحتاجين بما تملك.
ونجحت العزة بنت الشيخ آياه في تعميق مفهوم العمل الخيري وتحويله إلى سمة مجتمعية وقاعدة أخلاقية راسخة، مستفيدةً من الإرث الأخلاقي لعائلتها (أهل الشيخ سعد بوه)، عبر مؤسسة الشيخ آياه الخيرية التي غطت كامل التراب الموريتاني، وفق متابعين.
وبحسب متابعين التقتهم شبكة فال ميديا الإعلامية، اختطت العزة نهجاً متميزاً وأسلوباً متفرداً في البذل والعطاء، رغم بعض الانتقادات التي وجهت لها ووصفتها بـ”المبذرة”.
وقال مصدر مقرب من العزة، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لشبكة فال ميديا الإعلامية، إن “العزة لها يد طولى في سر الحرف (الرقية الشرعية)، كما أن لها علاقات قوية مع عائلات حاكمة في بعض الدول العربية والأفريقية وبالتالي لا يمكن استغراب حصولها على موارد مالية كبيرة”.
وأضاف أن “التشهير بالعزة وأسرة أهل الشيخ آياه بشكل عام يعدّ تشهيرا بقيّم الجود والتكافل الاجتماعي وهو مساس بمبادئ عون المحتاجين، وانتقاد لبناء المساجد والمدارس والمستوصفات وكفالة الأيتام وحفر الآبار وإطعام الفقراء وإضرار بإنصاف المعوزين وأبناء السبيل”.
وكان الناشط عبد الرحمن ولد ودادي قد تحدث عبر البث المباشر عبر “فيسبوك” عن سيدة موريتانية لم يسمها، قال إنها تدير أكبر عصابة إجرامية لتهريب وترويج المخدرات خاصة “البودرة البيضاء”، في موريتانيا وغرب أفريقيا، مؤكدا أن السيدة من مشايخ الصوفية في غرب أفريقيا وأنها حصلت على أموال طائلة في ظرف وجيز دون أي مصادر معلومة وواضحة، حسب قوله.
واتهم ولد ودادي، السيدة التي لم يسمها، أنها كانت خلف الطائرة المجهولة التي دخلت أجواء موريتانيا أكتوبر 2021 وهبطت في قرية النمجاط المقر الرئيسي للخلافة القادرية في غرب أفريقيا، ومسقط رأس الناشطة الاجتماعية العزة بنت الشيخ آياه والتي تحدثت وسائل إعلام محلية آن ذاك أنها محملة بالمخدرات.
ورغم أن السلطات الموريتانية أعدت مسحاً نفس الليلة التي تناقلت فيها وسائل إعلام محلية موضوع دخول الطائرة الغامضة إلى موريتانيا وأصدرت بياناً نفت فيه وجود تلك الطائرة.
وفي ردها على تصريحات ولد ودادي، قالت العزة بنت الشيخ آياه في تسجيل صوتي متداول وجهته لعائلتها: إن “مصدر ثروتها المثير للجدل هو عن طريق ممارسة (الرقية الشرعية) التي ورثتها وعائلتها من الشيخ سعد بوه”.
ونفت العزة في التسجيل الصوتي، “أية علاقة لها بالمخدرات أو مصدر حرام أو مشبوه”، مؤكدة “أن سبب هذه الحملة التي تستهدفها يرجع إلى دعمها لرئيس موريتانيا محمد ولد الشيخ الغزاني”.
وتفاعلا مع الجدل المثار حول ملف المخدرات، خرجت الحكومة الموريتانية عن صمتها في قضية ما بات يعرف إعلاميا في البلاد بـ”طائرة المخدرات”، وذلك في وقت قال الناشط ولد ودادي الذي تحدث عن الموضوع إنه لا يزال يخضع للتحقيق.
وقال وزير التكوين المهني والصناعة التقليدية والحرف، الناطق باسم الحكومة، محمد ماء العينين أييه، الأربعاء الماضي: إن بلاده “مشهود لها” بالنجاح في مكافحة تلك الظاهرة وإن قوات الأمن الموريتانية صادرت عدة شحنات مخدرات.
وأكد المسؤول الحكومي أن السلطات الموريتانية صادرت العام الماضي “أكبر شحنة من المخدرات في تاريخ البلاد” في عملية تمت في عرض البحر وجرى التعامل مع تلك الشحنة وفقا للضوابط القانونية وتم إتلافها.
وتابع المتحدث “المتورطون في تلك الشحنة ما يزالون اليوم في السجن، وبالتالي ليس هناك أي تهاون في التعاطي مع ملف المخدرات أو في حفظ أمن البلاد”، وفق وسائل إعلام محلية.
يشار إلى أن تجارة تهريب المخدرات تنشط عبر الحدود الشرقية والجنوبية لموريتانيا التي تربطها بمالي والسنغال وسط مخاوف من تحول هذه المنطقة غير الآمنة من الساحل الأفريقي إلى مركز رئيس لتجارة المخدرات وعبورها نحو أوروبا، ومصدر لتمويل النشاطات الإرهابية في غرب أفريقيا.