العراق.. 20 عاماً من ذل “البطاقة الحمراء”
أكثر من 20 عاماً مضت على سقوط نظام البعث، ولا يزال أكثر من 67 ألف عراقي بانتظار رفع القيود وتعويضهم من آثار عقوبات صارمة فرضتها “بطاقة حمراء”، حرمتهم من حقوقهم المدنية، وصنفتهم على أنهم مرتكبو “جريمة مخلة بالشرف”.
وقال علي الشافعي، المتحدث الإعلامي باسم أصحاب البطاقات الحمراء إن “النظام السابق مارس سياسات ظالمة خلال تسعينيات القرن الماضي بالاعتداء على دول الجوار أو العراقيين في الداخل، وكان مطلوباً من الجنود المشاركة بتلك الحروب العبثية، وتنفيذ الأوامر العسكرية دون نقاش”.
وبالنتيجة: “آلاف الجنود رفضوا الالتحاق وتنفيذ تلك السياسيات وتحولوا إلى هاربين ومطاردين، وهو نوع من أنواع الاعتراض على سياسيات النظام السابق”.
وهؤلاء الجنود كما يشير الشافعي “اعتبرهم النظام خونة، وأصدر بحقهم العديد من القرارات المجحفة”.
ومن ضمن تلك القرارات: “قطع صيوان الأذن والوسم على الجبين والإعدام، وهي عقوبات اضطر النظام حينها إلى وقفها بعد اعتراض الأمم المتحدة، فاخترعت الحكومة عقوبة مبتكرة تحارب الإنسان نفسياً، وتسبب له إذلالاً اجتماعياً خطيراً، باعتباره متهماً بجريمة مخلة بالشرف”.
والجرائم المخلة بالشرف لم ترد بفقرة خاصة ضمن التشريعات العراقية، وإنما جاءت ضمن فقرات منها جرائم السرقة والاختلاس والتزوير وخيانة الأمانة والاحتيال والرشوة وهتك العرض.
بعد رفضه الانصياع للأوامر العسكرية أوائل تسعينيات القرن الماضي، قرر أبو حسين الهروب من الجيش والتواري عن الأنظار، وما أن استقرت الأوضاع حتى سلم نفسه إلى السلطات وحُكم عليه بالسجن.
بعد خروجه من السجن استجاب لقرار الخدمة المضاعفة كعقوبة تالية، ثم خدم مدة هروبه مضاعفة مرتين، وحين تم تسريحه كما يقول لـ “الحرة”: “فوجئت بتسريحي وفق البطاقة الحمراء، رغم السجن والخدمة الطويلة. والعقوبة الأصعب كانت اعتباري متهما بجريمة مخلة بالشرف”.
يشرح أبو حسين المعاناة النفسية التي تعرض لها خلال تلك المدة من عمره لـ”الحرة”: “لم أتمكن من العمل في القطاع الخاص، وألغيت البطاقة التموينية من عائلتي في وقت كان المجتمع بأكمله يعاني من العوز والفقر، بسبب الحصار الاقتصادي الذي فرض علينا، بعد اجتياح الكويت”.
كان ذلك القرار بالذات (إصدار البطاقة الحمراء): “إهانة اجتماعية هائلة فأنا كنت مطالباً بتحمل التعامل السيء من الفرقة الحزبية، وفي نقاط التفتيش. حياتنا كمدنيين انتهت، وحتى عقد القران كان ممنوعاً فتأخر زواج معظمنا، والبعض تزوج خارج المحكمة وفق عقد شرعي”. ونتيجة لذلك “إما أصبح لدينا أبناء بلا هويات رسمية، أو اضطر البعض إلى تسجيلهم بأسماء أقارب الدرجة الأولى”.
وكما يقول علي الشافعي فالبطاقة الحمراء “كانت تعني في كل مكان شيئا واحدا، أننا مطلوبون للحكومة”. كل هذه الإجراءات كانت مترافقة مع “قطع الأرزاق فعشنا في فقر وحرمان لسنوات، فلا يمكن أن نعمل بدوائر الدولة، ومن الصعب الحصول على عمل بالقطاع الخاص، ناهيك عن عدم السماح لنا بامتلاك سيارة أو بيت”.
يتجاوز عدد أصحاب البطاقات الحمراء، بحسب ملفات وزارة الدفاع العراقية 67 ألف عراقي كما يشير الشافعي: “ولا يشمل فقط أبناء الجنوب كما يتوقع الكثيرون، بل لدينا أصحاب بطاقة حمراء حتى من تكريت نفسها (مسقط رأس النظام السابق صدام حسين)”.
كما يوجد “نحو 8 آلاف عراقي من القومية الكردية، بالإضافة إلى الأقليات العراقية المتنوعة من المسيحيين والشبك الإيزيدين والكاكائية، ولم يسلم من البطاقة الحمراء أي مكون عراقي من زاخو حتى الفاو”.