لماذا رفع غطاء الحماية عن رياض سلامة حاكم مصرف لبنان؟
فال ميديا
أثار، إصدار قاض لبناني قراراً بإبقاء حاكم مصرف لبنان السابق قيد الاحتجاز في إطار التحقيق معه بتهم فساد، جدلاً واسعاً في لبنان.
واتهم رياض سلامة بارتكاب جرائم مالية منها اختلاس أموال عامة والتزوير والإثراء غير المشروع خلال فترة عمله في مصرف لبنان.
وكان قاضي التحقيق بلال حلاوي أصدر قرارا بإبقاء حاكم مصرف لبنان السابق قيد الاحتجاز في إطار التحقيق معه.
والغريب أن السلطات اللبنانية لم تنشر الاتهامات الموجهة لسلامة، ولكن مصادر قضائية كانت قد أوضحت للصحفيين أن سلامة متهم بجمع أكثر من 110 ملايين دولار من خلال ارتكاب جرائم مالية تتعلق بشركة أوبتيموم إنفست، وهي شركة لبنانية تقدم خدمات الوساطة في الدخل.
وهذه الاتهامات منفصلة عن اتهامات سابقة بارتكاب جرائم مالية مرتبطة بشركة فوري أسوشيتس، وهي شركة مملوكة لرجا سلامة شقيق المحافظ السابق لمصرف لبنان، حيث اتهم الأخوان باختلاس 330 مليون دولار من الأموال العامة في صورة عمولات.
ويشكل الأمر سابقة نادرة في لبنان، خصوصا فيما يتعلق برياض سلامة، الذي كان يتمتع، حتى الآن، بحماية من أغلب الأطراف السياسية اللبنانية، بل وذهب بعض المراقبين لاعتباره المكون المالي في تركيبة الطبقة السياسية اللبنانية.
وظل سلامة لفترة طويلة يحظى باحترام كبير كخبير مالي قدير، حتى اضطر لمغادرة منصبه في يوليو من العام الماضي، بعد أن تضررت سمعته بسبب اتهامات الفساد داخل لبنان وخارجه والانهيار الكارثي للنظام المالي اللبناني عام 2019.
ولكن حاكم مصرف لبنان السابق ظل يتمتع بحماية سياسية، وكان من الواضح أنه لم يتوقع أن يتعرض للمساءلة أمام القضاء اللبناني.
ويرى مراقبون أن هناك عدة أسباب أدت إلى قيام القضاء اللبناني باحتجاز سلامة رسميا ومساءلته.
• اتخاذ قاضي التحقيق لهذا القرار يعني ان الشبهات في حق سلامة باتت “معززة”، وإيمانه القوي بأنه لن يتعرض للمساءلة، حتى أنه ذهب إلى جلسة التحقيق الأولى في 3 سبتمبر منفردا ودون أن يصطحب محاميه.
• تزايد الضغوط الخارجية على الطبقة السياسية اللبنانية بصورة كبيرة، حيث أصدرت قاضية فرنسية في باريس والمدعية العامة في ميونيخ العام الماضي مذكّرتَي توقيف في حقه جرى تعميمهما عبر الانتربول، كما فرضت الولايات المتحدة إلى جانب كندا والمملكة المتحدة، عقوبات اقتصادية على سلامة وعلى أفراد عائلته لشبهات فساد، بما في ذلك تجميد أصولهم في البلدان الثلاثة.
• تراجع نفوذ القوى السياسية التي تبنت رياض سلامة خلال المرحلة الماضية، وحتى بالنسبة للأطراف السياسية الأخرى التي ساهمت في توفير غطاء حمايته، أصبح الأمر يشكل عبئا سياسيا ثقيلا عليها من الخارج والداخل.
• بعد استقالة سلامة من منصبه لم يعد مفيدا لتلك الأطراف، بل على العكس تحول إلى مصدر متاعب، وفقا لـ”مونت كارلو الدولية”.
وبحسب مراقبين، فإن أن حاكم مصرف لبنان السابق كان يحتل موقعا استثنائيا، سمح له، بالتأكيد، بالاطلاع على الكثير من الأسرار الدقيقة التي تتعلق بكافة الأطراف السياسية اللبنانية، ومن المرجح أنه ما زال يحتفظ بملفات لا يريد أحد أن تظهر إلى الضوء، فما هو السبب في اختيار هذه اللحظة تحديدا لرفع الحماية عنه، وتقديمه للقضاء اللبناني؟