“القنب الهندي وعفو ملكي”.. ماذا يحدث في المغرب؟
فال ميديا
في أغسطس الماضي أصدر ملك المغرب محمد السادس عفوا عن 4 آلاف و831 شخصا مرتبطين بقضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي، في خطوة قد تساعد المزارعين في الانخراط ببرنامج أطلقته البلاد لتقنينه طبيا وصناعيا.
وزارة العدل قالت مؤخراً إن العفو سيمكن الأفراد من الاندماج في البرنامج الجديد للتقنين، عقب عامين من الاستراتيجية التي تراهن عليها البلاد لتنمية مناطق تعيش “وضعية هشة ماليا واجتماعيا.. خاصة أن 60 ألف أسرة مرتبطة بالقنب”.
ومن المتوقع أن تتجاوز قيمة صناعة وتجارة القنب الهندي للقطاع الطبي وحده على المستوى العالمي، 50 مليار دولار بحلول عام 2028، وفقا لصندوق الاستثمار الأمريكي (يتبع وزارة التجارة الأميركية).
وكان المغرب أعلن في 3 يونيو 2022 عن خطة عمل لاستغلال القنب الهندي طبيا وصناعيا، وبدأ في يوليو من نفس العام سريان قانون لتقنين استعمالاته.
كان سكان المناطق الريفية التي تزرع اليوم القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية، يخشون من البرنامج الحكومي عند إقراره، بسبب وجود قضايا منظورة بحق الآلاف؛ إذ يشترط الحصول على ترخيص للزراعة.
وجاء العفو الملكي في أغسطس الماضي، بإطلاق سراح 4 آلاف و831 شخصا مدانين أو مطلوبين في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي.
وذكر البيان لوزارة العدل أنه: “فضلا عن الجوانب الإنسانية لهذه الالتفاتة (العفو)، فإنها ستمكن المشمولين بها من الاندماج في الاستراتيجية الجديدة التي انخرطت فيها الأقاليم المعنية (الحسمية والشاون وتاونات) في أعقاب تأسيس الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي”.
وفي تعليقه على الخطوة، قال الشريف أدرداك، رئيس المرصد المغربي لتقنين القنب الهندي (غير حكومي)، إن المتابعات القضائية كانت تحول دون انخراط العديد من الشباب في برنامج التقنين.
وفي تصريح للأناضول، لفت الحقوقي والباحث في مجال القنب الهندي، إلى أن “العفو كان مطلب الحقوقيين منذ سنوات، وأن يشمل جميع المزارعين البسطاء من أجل الوصول إلى مصالحة عامة مع المواطنين بهذه المناطق، وألا يشمل العفو المتاجرين بالمخدرات”.
ولفت إلى أن العفو سيساعد المزارعين في الانخراط في البرنامج الذي أطلقته البلاد، مشيرا إلى أن هذه المبادرة خطوة أولى أدخلت الفرحة على أهالي المنطقة، وأن هناك تطلع لتشمل باقي المتابعين.
وكان المغرب أعلن الشهر الماضي منح 3029 ترخيصا للاستعمالات الطبية والصناعية للقنب الهندي منذ مطلع العام الجاري، مقابل 721 ترخيصا العام الماضي.
وذكرت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، أن التراخيص تتعلق بـ2837 ترخيصا لفائدة 2659 فلاحا لنشاط زراعة وإنتاج القنب الهندي، و192 ترخيصا لفائدة 98 مصنعاً ومسوقاً ومصدّراً، وذلك منذ مطلع العام الجاري.
وزادت: “تتوزع التراخيص البالغ عددها 192 بين 60 ترخيصا لنشاط التحويل، و49 ترخيصا لنشاط التسويق، و39 ترخيصا لنشاط التصدير، و24 ترخيصا لنشاط استيراد البذور”.
وتتضمن التراخيص أيضا “18 لنشاط النقل، وترخيصا واحدا لنشاط تصدير البذور، وآخر لنشاط إنشاء واستغلال المشاتل”.
وتابعت: “منذ مطلع 2024 صادقت الوكالة على 7.3 ملايين بذرة للقنب الهندي بناء على 26 ترخيص استيراد، على مساحة 1164 هكتارا (الهكتار = 10 آلاف متر مربع)”..
وتطلب السلطات من المزارعين تشكيل تعاونية وهي شبيهة بالشركة تضم 5 أشخاص، إلا أنها معفية من الضرائب.
وبشأن التسويق، أشار أدرداك إلى أن التعاونيات تعمل على بيع القنب خام بسعر يراوح بين 70 و80 درهما (7 و8 دولارات) للكيلوغرام.
وأبرز ضرورة أن يشمل برنامج التقنين إقليمي العرائش ووزان (شمال)، خاصة أن البرنامج يشمل 3 أقاليم فقط، وهم الحسيمة والشاون (شمال) وتاونات (شرق).
ودعا أدرداك إلى تنمية المنطقة بشكل كبير، وإطلاق برنامج كبير لخلق فرص عمل وتحفيز المستثمرين للاستثمار بالمنطقة، مع تشجيع ضريبي لهم.
كما دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي (حكومي) إلى وضع وتنفيذ برنامج عاجل لتطوير البنى التحتية من طرقات وخدمات، بهدف تطوير النشاط الاقتصادي بالمنطقة.
وبحسب تقرير المجلس عام 2020، أبرز ضرورة تأهيل هذه المنطقة المعزولة خاصة فيما يتعلق بالخدمات الاجتماعية والتعليم والصحة
وبحسب المجلس، فإن “القنب الهندي يزرع في المغرب اليوم بشكل حصري شمال البلاد، منذ حوالي قرن من الزمن، في عمالات (محافظات) وأقاليم تطوان والشاون والعرائش والحسيمة وتاونات”.
وأشار إلى أن “جزءا لا يستهان به من زراعة القنب الهندي يزاول في البلاد في قطع أراض صغيرة، وفي تربة فقيرة، بدون شهادة ملكية ولا رسم عقاري، وبمحصول يختلف باختلاف نوعية البذور المستخدمة”.
أدرداك دعا إلى تسريع وتيرة الاستثمار في القطاع، خاصة أن بعض الدول بدأت التقنين منذ 2013، مقارنة مع بلاده التي بدأت منذ سنوات فقط.
وأبرز قوة منافسة دول صناعية أوروبية لبلاده في هذا المجال، بالنظر إلى الإمكانات التي تزخر بها.. “من الضروري تصنيع مواد التجميل والمواد الصناعية من القنب الهندي في بلاده، وعدم تصديره خام”.