من هو النازي الذي استعان به الأسد الأب وحول سوريا إلى مسالخ بشرية؟

محمد فال معاوية

بعد فتح سجن صيدنايا السيئ السمعة في سوريا، تكشفت هول المجازر وأساليب التعذيب التي اعتمدها النظام السوري منذ حكم الأب حافظ الأسد وصولا إلى ابنه بشار الذي هرب إلى روسيا في الثامن من ديسمبر الجاري، بعد سيطرة المعارضة المسلحة على سوريا.

وكشفت التقارير أن النظام السوري استفاد من خبرة ضباط نازيين فعليين شاركوا في “الهولوكوست” بشكل أثبتته صور الناجين من المعتقلات التي فتحت أبوابها للمرة الأولى مع سقوط النظام.

سوريا.. ملاذ للنازيين

وبحسب صحيفة “غارديان” البريطانية، فإن تحول سوريا كملاذ للنازيين بعد الحرب العالمية الثانية لم يكن عبثياً، إذ قدمت دمشق، في ظل الاضطرابات السياسية والبحث عن أدوات تعزيز السيطرة، مكاناً آمناً لشخصيات مثل آلويس برونر، المساعد المقرب للمسؤول عن ترحيل آلاف اليهود إلى معسكرات الموت، قبل أن يجد طريقه إلى سوريا في خمسينيات القرن الماضي ليس فقط كلاجئ سياسي، بل كمستشار أمني لنظام “البعث”.

وبحسب المعلومات عمل برونر تحت اسم مستعار، مستشاراً ومعلماً لضباط الاستخبارات السورية، مستخدماً خبرته في الاستجواب والتعذيب التي صقلت خلال الحقبة النازية، إلا أن ما قدمه برونر كان أكثر من مجرد نصائح تقنية، حيث ساهم في تطوير أساليب قمع ممنهجة تهدف إلى سحق أي معارضة، وهو الإرث الذي استفاد منه النظام السوري حتى آخر لحظة لوجوده في دمشق، السبت الماضي.

آلويس برونر والأسد الأب

عاش الضابط النازي برونر في سوريا أربعين عاماً ينعم بحماية حكم الأسد. ومقابل حمايته تلك، عقد اتفاقاً مع الأسد منذ الستينيات، بعد سيطرة حزب “البعث” على السلطة العام 1963 حتى وفاته.

وولد ألويس العام 1912، وكان من الضباط المسؤولين على معسكرات إبادة كثيرة في أوروبا. وبعد سقوط أدولف هتلر، زعيم النازية في ألمانيا، تمكن من الاندساس بين اللاجئين مستخدماً اسماً مستعاراً عمل بفضله سائقاً لدى الجيش الأميركي. ثم هرب العام 1953، إلى مصر بجواز سفر يحمل اسم جورج فيشر، ومنها انتقل إلى سوريا.

وفي سوريا، التقى برونر صديقاً يدعى فرانتز رادماخر، وهو ضابط نازي أيضاً شغل منصب رئيس مكتب الشؤون اليهودية في ألمانيا زمن العهد النازي، ووظفه في شركته الخاصة “شركة الشرق للتجارة” (Orient Trading Company).

اكتشاف أمره

وفي العام 1961، أدرك الأميركيون، بعد تحقيقات عديدة، أن فيشر المقيم في دمشق هو النازي برونر، وفي العام نفسه تلقى برونر رسالة بريدية مفخخة، في دمشق، فَقَدَ على إثرها إحدى عينيه، وعندها فهم برونر أن أمره انكشف. وكان العام 1966 هو العام المفصلي عندما حدث اللقاء الحقيقي بينه والدولة السورية عندما كان حافظ الأسد وزيراً للدفاع.

واستفاد حافظ الأسد من خدمات الخبير النازي المخضرم الذي قال عنه رئيس جهاز “الغوستابو” أدولف آيخمان، في مذكراته: “إنه من أفضل الرجال”، مقابل تأمين سلامة الضابط النازي في سوريا بعد انكشاف أمره.

وعمل برونر كمستشار أمني غير رسمي للأسد في الفترة التي كان حافظ يقضي فيها على المناهضين له سواء من البعثيين أو غيرهم بالتصفيات والاغتيالات.

“الحركة التصحيحية”

وبعدها بخمس سنوات، استولى حافظ الأسد على السلطة رسمياً بانقلاب عسكري سماه “الحركة التصحيحية” وكان الضابط النازي ممن ساهموا في بناء منظومة الأسد المخابراتية الرهيبة، بما فيها من أجهزة وفروع ومنهاج قمع ومراقبة لا مثيل لها على الكوكب.

وأكد ضابط في المخابرات الفرنسية كانت له علاقات في دمشق في الثمانينيات، أن برونر كان يعمل مستشاراً سياسياً مقرباً لدى الأسد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى