كواليس انسحاب بايدن.. تكتم شديد و3 مكالمات
أثار انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من السباق الرئاسي جدلا كبيرا في حين يواجه العالم حربي أوكرانيا وغزة، وجرأة صينية في آسيا، وصعود اليمين المتطرف في أوروبا، وفق ما رصدته “فال ميديا” خلال إعداد هذا التقرير.
لكن القرار الذي صدم العالم وتابعه الملايين لم يعلنه بايدن إلا لمستشارين قلائل قبل نشره عبر منصة “إكس”.
والمفاجأة الكبيرة أن معظم مستشاري البيت الأبيض وحملته لم يعلم بقرار بايدن إلا بعد نشر الخبر.
وبعد اتخاذ بايدن للقرار، اتصل يأقرب مستشاريه وهو ستيف ريكيتي، وقال له “أحتاجك ومايك في المنزل”، وفقاً لـ”نيويورك تايمز”، والمقصود هو مايك دونيلون كبير الإستراتيجيين وكاتب خطابات بايدن.
بعد الاتصال ذهب الاثنان إلى منزل بايدن في ريهوبوث بولاية ديلاوير حيث التقيا الرئيس ملتزمين قواعد التباعد الاجتماعي، نظراً إلى إصابته بفيروس كورونا
وعمل بايدن مع ريكيتي ودونيلون ساعات طويلة على صياغة البيان التاريخي لإعلان الانسحاب من الانتخابات المقبلة.
ولم يخبر بايدن موظفيه عن قرار التنحي إلا قبل دقيقة من نشر البيان عبر حسابه على منصة “إكس”.
وتحدث بايدن مع نائبته كامالا هاريس التي أعلن تأييد ترشيحها، ورئيس موظفيه جيف زينتس ورئيسة حملته جين أومالي.
أما مجموعة من مستشاريه في البيت الأبيض فعرفوا من الرئيس مباشرة خلال اجتماع عبر “زوم”، وآخرون في الجناح الغربي عرفوا من خلال “إكس”.
وقال بايدن في البيان “أعتقد أنه من مصلحة حزبي وبلادي أن أتنحى، وأركز فقط على الوفاء بواجباتي كرئيس في ما بقي من ولايتي”.
وتعكس كواليس اتخاذ القرار وصياغة البيان التكتم الشديد الذي سبقه والرسائل المتناقضة التي كانت حملة بايدن تبثها للتأكيد بأنه مستمر في السباق الرئاسي، فبينما كان الرئيس يفكر بالانسحاب بل ويستشير دائرته المقربة، كان بعض مستشاري حملته والبيت الأبيض مغيبين عن الأمر.
لم يكن أحد خارج منزل بايدن الممتد على مساحة 6850 قدماً مربعة يعرف ما كان يفكر فيه بايدن حتى نشر بيانه على وسائل التواصل الاجتماعي وحتى تلك اللحظة لم يكن أمام حلفاء المرشح الديمقراطي السابق خيار سوى افتراض أنه متمسك بالمواصلة حتى يعلن الانسحاب
وفي منزله أمضى بايدن يومه بعيداً عن الظهور الإعلامي وإلى جانب زوجته جيل ومستشاريه ريكيتي ونائبة رئيس موظفيه أني توماسيني ومسشار السيدة الأولى أنثوني بيرنال، وذكر مقربون من الرئيس أنهم كانوا يشعرون بأهمية اللحظة، لكن الأمر لم يكن واضحاً حول ما إذا كان سينسحب، حتى لدائرته المقربة.
وبحلول المساء شعر بعض المقربين جداً منه بأن هناك إعلاناً ما وأن نهاية حملة بايدن باتت “حتمية”، في حين كان يسمع آخرون رسالة مختلفة من الرئيس نفسه.
وقبل يوم من اتخاذ القرار، تلقى بايدن مكالمة من رئيس موظفيه سابقاً، رون كلاين، الذي قدم له الدعم المعنوي ونقل رسائل الدعم له من السيناتور الديمقراطية إليزابيث وارن ومن أحد مستشاري السيناتور بيرني ساندرز، وعندما قال كلاين لبايدن “ابق في السباق”، أجاب الرئيس “هذه هي نيتي وهذا ما سأفعله”.
وقبل أسبوع تحدث رئيس الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك تشومر مع بايدن وأبلغه أن معظم أعضاء الكونغرس مستعدون لطي صفحة ترشيحه.
وبحسب شخص مطلع على الاجتماع الذي استمر 35 دقيقة في الـ 13 من يوليو فقد قال بايدن لتشومر “أحتاج إلى أسبوع آخر“.
وبمجرد انتهاء ذلك الأسبوع واقتراب بايدن من اتخاذ قراره، كان بعض أقرب حلفائه بمن فيهم السناتور كريس كونز من ولاية ديلاوير يحضرون اجتماعات لمناقشة نيات بايدن.
ودافع كونز عن بايدن قائلاً إنه “يستحق الاحترام” لاتخاذ قراره على انفراد.
استدعى بايدن مستشاريه ريكيتي، وتوماسيني وبيرنال، ودونيلون، وبدا أن بايدن يميل إلى تغيير رأيه بعد محاولات كثيرة لتبرير أدائه السيء خلال المناظرة وتحويل التركيز على مشكلات ترامب.
واختار بايدن الذي كان لا يزال مريضاً وصوته أجش، بحسب “نيويورك تايمز”، أن يعلن قراره في بيان مكتوب بدلاً من الظهور أمام الكاميرات، وعمل على صياغته مع كاتب خطاباته دونيلون، في حين خطط ريكيتي للخطوات المقبلة ومنها توقيت إبلاغ الموظفين والطريقة، ومن هم الأشخاص الذين يجب إخطارهم، وبذلك اخذت صياغة البيان ساعات طويلة.
وبينما كان بايدن يستعد لإعلان انسحابه كان أحد أبرز مساعديه على الهواء مباشرة عبر قناة ” سي بي أس” يقول “أريد أن أكون واضحاً تماماً، لقد اتخذ قراراً بقبول الترشيح والترشح لإعادة الانتخاب”.
وأجرى بايدن ثلاث مكالمات قبل إعلان القرار، الأولى مع نائبته هاريس لإبلاغها، والثاني مع رئيس موظفيه جيف زينتس، والثالثة مع نائبة رئيس الموظفين أومالي ديلون.
قبل دقيقة من نشر البيان على “إكس”، أبلغ الرئيس عدداً من مستشاريه بالقرار وقرأ لهم البيان وشكرهم على عملهم، قائلاً لهم “تعالوا إلي بالمهمات ودعونا ننهيها”.
ثم أجرى زينتس مكالمة هاتفية مع مسؤولين آخرين في البيت الأبيض لتأكيد صحة البيان وشكرهم على عملهم، تلا ذلك مكالمة مماثلة أجراها مع أعضاء الحكومة الذين لم يكونوا على علم بالأمر حتى بث المنشور على الإنترنت، بينما أمضى بايدن جزءاً من اليوم في إجراء مكالمات هاتفية مع زعماء الكونغرس وحلفاء آخرين.
وقرر بايدن إعلان التنحي عبر منصة “إكس” تجنبا للتسريبات، حسب صحيفة “نيويورك تايمز”.